Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Journal d'un nomade

Restless, shifting, fugacious as time itself is a certain vast bulk of the population of the red brick district of the lower West Side. Homeless, they have a hundred homes. They flit from furnished room to furnished room, transients forever - transients in abode, transients in heart and mind. They sing "Home, Sweet Home" in ragtime; they carry their lares et penates in a bandbox; their vine is entwined about a picture hat; a rubber plant is their fig tree. (O. Henry)

Anekdote zur Senkung der Arbeitsmoral

حكاية طريفة لإحباط معنويات العمل

 

 في مرفأ أحد بلدان السّاحل الغربيّ لأوروبا كان رجل رثّ الثّياب مستلقيا في قارب صيد وقد أخذته غفوة. وكان هناك سائح أوروبّيّ أنيق الثّياب قد انتهى في الحين من وضع شريط ملوّن جديد في مصوّرته وذلك لأخذ صورة لهذا المشهد الخلاّب : سماء زرقاء، بحر مخضرّ اللّون تكسو موجاته المتمايلة برفق رغوة بيضاء، قارب أسود وقبّعة صيّاد حمراء. تُسمع طرطقة المصوّرة، تليها طرطقة أخرى؛ وبما أنّ رقم السّعادة هو ثلاثة، تُسمع طرطقة ثالثة.

 

وقد أيقظ الصّوت المزعج، الذي يكاد يكون عدائيّا، الصّيّادَ من غفوته وجعله يستقيم وهو ناعس باحثا عن علبة السّجائر وقد غلبه النّعاس. ولكن قبل أن يجد ضالّته لم يلبث السّائح أن أمسك بعلبة سجائر أمام أنف الصّيّاد، لكنّه لم يضعها في فمه بل في يده. ثمّ تُسمع طرطقة رابعة، وهي صوت الولّاعة التي كانت خاتمة هذه اللّفتة المباغتة التي بادر بها السّائح. إنّ هذه اللّفتة السّريعة التي يصعب تقديرها ويستحيل إثباتها وضعت السّائح في وضع محرج يحاول تجاوزه بالحديث مع الصّيّاد، إذ أنّ السّائح يتقن لغة البلد.

"إنّك ستصطاد صيدا ثمينا اليوم".يجيب الصّيّاد بالنّفي بحركة من رأسه. "لكن قيل لي إنّ الطّقس ملائم اليوم". يحرّك الصّيّاد رأسه للإجابة بنَعَم.   

"إذن لن تخرج للصّيد اليوم ؟" يحرّك الصّيّاد رأسه للإجابة بالنّفي موتّرًا بذلك أعصاب السّائح. لا شكّ أنّ السّائح يُكِنُّ الخير لهذا الإنسان الذي يرتدي لباس الفقراء ويحزّ في نفسه أن تضيع هذه الفرصة على الصّيّاد.

 "آه! هل أنت بخير؟ " وأخيرا ينتقل الصّيّاد من لغة الإشارات إلى صميم اللّغة المنطوقة. 

 "لأنّني قد خرجت اليوم للصّيد في الصّباح الباكر". وهل اصطدت صيدا ثمينا؟" "كان الصّيد ثمينا إلى درجة أنّني لم أكن في حاجة إلى الإبحار مرّة أخرى. فقد وقعت في شباكي أربعة من سرطانات البحر وأكثر من عشرين سمكة ماكريل".

أخيرا استيقظ الصّيّاد وخرج من خموله مربّتا على كتف السّائح. كان يرى في ملامح السّائح الحزينة  شيئا من قلّة الأدب ولكن  أيضا همًّا يمسّ الجوارح. قال الصّيّاد ليزيل الهمّ من قلب السّائح : "إنّ لديّ ما يكفي للغَد وبعد غدٍ. هل تريدُ تدخين سيجارة من سجائري ؟"

  "نعم، شكرًا". يدسُّ كلّ منهما سيجارة في فمه. تُسمعُ طرطقة خامسة. يجلس الصّيّاد على حافة القارب محرّكا رأسه يمينا وشمالا ثمّ ينزع المصوّرة من يده، إذ هو في حاجة إلى كلتي يديه لكي يكون كلامه أكثر تعبيرا. قال للصّيّاد "إنّني لا أريد أن أتدخّل في أمورك الشّخصيّة ولكن تخيّل لو خرجت اليوم للصّيد مرّة ثانية وثالثة وربّما حتّى رابعة واصطدت حوالي خمسين أو ربّما مائة سمكة ماكريل. تخيّل ذلك !"  

يهزّ الصّيّاد رأسه موافقا. فاستمرّ السّائح في الحديث قائلا : "تصوّر أنّك لن تكتفي بالخروج للصّيد ليس اليوم فقط بل غدا وبعد غد وفي كلّ الأيّام التي يكون الطّقس فيها ملائما مرّتين وثلاثة وربّما حتّى أربعة مرّات. هل تعلم ماذا سيحصل ؟ " يهزّ الصّياد رأسه نافيا.  

 "في ظرف عام، على أقصى تقدير، ستستطيع شراء محرّك، وبعد عامين ستشتري قاربا ثانيا، وبعد ثلاثة أو أربعة أعوام ستصبح قادرا على شراء مركب صغير بمحرّك، وبالطّبع بفضل القاربين أو المركب المزوّد بمحرّك ستتمكّنُ  من اصطياد المزيد من السّمك، وفي يوم ما ستملك مركبين بمحرّك ثمّ يمكنك..." من شدّة التأثّر يفقد السّائح القدرة على الكلام خلال بضع ثوان ثمّ يواصل : " سيمكنك بناء مخزن مثلّج صغير وربّما أيضا مصنعٍ للسّمك المُدَخّن وبعد ذلك مصنعٍ لتعليب الأسماك، ثمّ ستمتلك  مروحيّة ستمكّنك من تعقّب أسراب السّمك وإعطاء التّعليمات بالرّاديو إلى مراكب الصّيد وستحصل على رخصة لاصطياد السّلمون وستفتتح مطعما مختصّا بالأسماك وستصدّر سرطان البحر مباشرة إلى باريس دون حاجة إلى وسطاء، ثمّ بعد ذلك..." يفقد السّائح من جديد القدرة على الكلام من شدّة التّأثّر. ينظر السّائح إلى الأمواج التي تتراقص فيها بحبور الأسماك التي ضاعت فرصة صيدها محرّكا رأسه يمينا وشمالا مغالبا الهواجس التي تعتصر قلبه مدركا أنّ متعة السّياحة قد ذهبت هباء. قال : "وبعد ذلك" لكن خنقته العبرة من جديد، فربّت الصّيّاد على كتفه كما لو كان طفلا صغيرا أُصيب بالاختناق، ثمّ سأله : "وبعد ذلك ؟" فأجاب الغريب بحماس فاتر : "بعد ذلك ستجلس مطمئنّا في الميناء وستغفو تحت أشعّة الشّمس، متمتّعا بمنظر البحر الرّائق." فقال الصّيّاد: "ولكن هذا ما أفعله الآن. إنّني أجلس مطمئنّا في الميناء غافيا ولم يزعج راحتي غير طرطقة المصوّرة." انطلق السّائح ، بعد أن تلقّى درسا، في التّفكير فقد كان سابقا يعتقد أنّه يعمل من أجل أن يستطيع في يوم ما الاستغناء عن العمل. تبخّرت آخر ذرّة من العطف على الصّيّاد ذي الثّياب الرّثّة ولكن بقيت ذرّة من الحسد عالقة في الهواء.

 

   تأليف هاينريش بل، 1963، ترجمة عمر الخيّام

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article